قبل كل شيء أود أن أعتذر لأم الشهيد زهير اليحياوي على قلة الأدب والهمجية التي أبداها بعض من الحاضرين في يوم تكريم ابنها وتخليد ذكراه.. من المخجل أن تسمع الأم المكلومة في فلذة كبدها تطلب من الحاضرين وهي تبكي أن يسيروا على درب الشهيد وأن ينعموا بما حلم به ومات قبل أن يراه عين اليقين ثم تلحظ الذهول في عينيها أمام عربدة الضوضاء وتشنّج أشاوس الأدمينات..
إن كنت نادماً على شيء فهو على عدم طلبي للكلمة لأقول هذه الملاحظات الثلاث :
- يبدو أن الأدمينات لم يكونوا على علم أو فهم لموضوع الندوة.. أو لعل أفكارهم المسبقة على عالم المدونين الذي لا يعرفون عنه سوى بعض الأسماء التي "سوّقها" الإعلام بعد الثورة جعلتهم يتقدمون الصفوف يترصدون أول فرصة ليقفزوا صائحين أن الثورة صنعتها صفحات الفايسبوك لا المدونات وينددون بسرقتها منهم.. المضحك في الأمر أنهم بدؤو بقلة الأدب من أول تدخل للمدون "باخوس" (والتي كانت أكاديمية وغير مستفزة لهم) وكأنهم لم يطيقوا صبراً أو لم يستطيعوا كتم النار المتأججة في صدورهم.. كيف لا وما نشر على صفحاتهم يوم الإثنين يشهد على إعدادهم العدة للتصدي للمؤامرة التي دعوا لها.. ما فاتكم أيها "السادة" هو أن الهدف الوحيد من الإحتفال باليوم الوطني لحرية الأنترنات كان تكريم زهير اليحياوي ومن خلاله كل المقاومين والمناضلين الافتراضيين على اختلاف انتماءاتهم وعقائدهم.. على العموم لا يمكن الإنتظار مٍن مَن عجز على نطق إسم الشهيد أثناء وبعد الندوة (رغم التصحيح المتكرر تارةً يسميه زهير مخلوف وطوراً مختار اليحياوي) أن يدرك ما معنى حرية الانترنات أو مقاومة الحجب وقد كان همه نشر فيديوهات الكورة والنكت فمخ الهدرة : "قداش عندك من فان في الباج متاعك ؟".. وإنت وخي ما قلتلناش كيفاش إتنجم تعيش وإنت أدمين متاع 80 صفحة ؟ اه حقاً ماو من غدوة درت في الحياصة وقلت : أنا مجرد أدمين غير مباشر لبعض الصفحات "الثورية"...
- بالنسبة لهناء وجلنار فمن ناحية الشكل لا يعقل بعد قرابة 60 سنة من الإستقلال وبعد ثورة الحرية والكرامة أن تقدم الأخيرة مداخلتها باللغة الفرنسية في القصر الجمهوري وأمام حضور متكون أساساً من تونسيين وهي التونسية التي تربت في تونس.. ولكن يبدو أنها تراجعت عن هذا أمام النظرات النارية والهمهمات التي شوهدت وسمعت بعد اقتراحها ذلك فانتقلت إلى الفرنكو أراب (المسمى زوراً وبهتاناً دارجة) إلا أنها سرعان ما "زلعتها بضخامة" بذكرها ألفة يوسف تلك التي كانت تخطب في نفس المكان أمام "السارقة بأمرها"
أما من ناحية المضمون فحتى لو اختلفنا سياسياً مع المنصف المرزوقي فإنه علينا إحترام صفته كرئيس للجمهورية فنقف عند قدومه وتحيته لنا ونترفع عن تصفية الحسابات السياسية الضيقة. ولكن مايثير الغثيان حقاً هو إستغلال ثقة منظم الإحتفال (الذي وصفه الجهلوت بالبودورو في حين أن محافظ نورمال لاند كان من مؤسسي تلك المدونة الرائعة) لإيهامه بأن الحديث سيكون في صلب الموضوع ثم ينقلب ذلك 180 درجة اثر إنتهاء المقدمة التي اطلع عليها. قبل إتهامي بالتجني أذكر أن إحدى المدونات (معروفة بصورة حيزبون شمطاء) قد كتبت يوم الإثنين فرحة مسرورة : انتظروا غداً تغيير موضوع إحدى المداخلات بطريقة مفاجأة. من جهة أخرى كانت كلمة جلنار ضعيفة في الشكل والمضمون : فلا إنضباط أكاديمي ولا منهجية علمية ولا موضوعية ولا إحترام لمجال تخصصها.. بل كانت عبارة عن تدوينة استفزازية مملوؤة بالمغالطات التي مجتها أسماعنا وسئمتها عقولنا. ويكفي ذكر عبارة "المرأة المدنسة (أو النجسة)" (la femme souillée) التي تنتمي لظلمات العصور الوسطى الأوروبية ولا علاقة لها بموروثنا الحضاري لنعلم في أي حضيضٍ وقعت.
- بالنسبة لسيادة المحافظ فبعد شكري له على رحابة صدره وبرودة دمه وكرم ضيافته فكنت أتمنى لو وقعت استشارتنا لإقتراح برنامج لهذه الندوة وكنت حينها سأقترح ورشة تدوينية من قلب القصر الذي كانت تصدر منه الأوامر لعمار ليقصف الأقلام الحرة وسيكتب البعض حينها عن رمزية نضال "التونسي" أو عن ذكريات الزمن الجميل في البلوغسفير المحنونة أو عن الأحلام والمشاريع التي كانت أو مازلت في عقولنا...
ختاماً أود أن أُذَكٍّر أو أُعْلٍم أنه كان في القاعة أناس سُجنت وعُذبت من أجل حرية التعبير.. كان في القاعة أناس نفيت وحرمت من بلادها من أجل حرية التعبير.. كان هناك أناس أحدثوا المدونة تلو المدونة لتحدي الحاجب والسخرية منه والقول في وجهه بأنه لا مناص من حرية التعبير.. كان هناك أناس نقلت أحداث الثورة لحظة بلحظة ليتلقف "بعضهم" بعضاً منها وينشره لعله يحظى بعددٍ كبير من "الجامات" أو يزداد عدد "الفانات".. كان في القاعة أناس صوروا الشهداء والجرحى على عين المكان ثم لم يحرصو على "مد وجوههم" في وسائل الإعلام.. بل آثروا التواضع إجلالاً لمن بذل الدماء لأجل أن يزايد عليهم بعض السفهاء.. كان هناك أناس على بعد آلاف الكيلومترات ينتظرون صور هذا اليوم لعلهم يرون أخيراً وجوه الأبطال الذين خاطروا بحياتهم لنقل الأحداث..
من كان يظن أن المدونين صنعوا الثورة فهو واهم.. من كان يظن أن صفحات الفايسبوك صنعت الثورة فهو واهم.. من كان يظن أنه بجام أو برتاج أو رتويت صنع الثورة فهو واهم..
الثوار الحقيقيون هم الذين إنتفضوا قبل وبعد 17 ديسمبر 2010 من أجل الحق والعدالة والحرية والكرامة.. الذين خرجوا للشارع لمواجهة ألة القمع وهم لا يعلمون أيعودون لديارهم أم لا.. الذين كانت كتاباتهم ضمير الثورة وسعو لها بالتنظير أو بالدعوة أو بشحذ الهمم.. الذين بذلوا قصار جهدهم لربح المعركة الإعلامية.. الثوار الحقيقيون أخلصوا فلم يريدو جزاءً ولا شكوراً .. أما من جاء يباهي بثوريته "فقد قيل"
قال أبو هريرة راضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله جل ثناؤه إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعى به رجل جمع القرآن، ورجل قُتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى يا رب. قال : فماذا عملت فيما علمت ؟ قال : كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار. فيقول الله جل ثناؤه : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت، ويقول الله جل جلاله : بل أردت أن يقال فلان قارئ ; فقد قيل ذلك. ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى : أولم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ فيقول : بلى يا رب. فيقول : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت. بل أردت أن يقال فلان جواد، فقد قيل لك ذلك. ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقال له : فيما ذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت. ويقول الله : بل أردت أن يقال فلان جريء، فقد قيل ذلك . ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي وقال : يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة }
إن كنت نادماً على شيء فهو على عدم طلبي للكلمة لأقول هذه الملاحظات الثلاث :
- يبدو أن الأدمينات لم يكونوا على علم أو فهم لموضوع الندوة.. أو لعل أفكارهم المسبقة على عالم المدونين الذي لا يعرفون عنه سوى بعض الأسماء التي "سوّقها" الإعلام بعد الثورة جعلتهم يتقدمون الصفوف يترصدون أول فرصة ليقفزوا صائحين أن الثورة صنعتها صفحات الفايسبوك لا المدونات وينددون بسرقتها منهم.. المضحك في الأمر أنهم بدؤو بقلة الأدب من أول تدخل للمدون "باخوس" (والتي كانت أكاديمية وغير مستفزة لهم) وكأنهم لم يطيقوا صبراً أو لم يستطيعوا كتم النار المتأججة في صدورهم.. كيف لا وما نشر على صفحاتهم يوم الإثنين يشهد على إعدادهم العدة للتصدي للمؤامرة التي دعوا لها.. ما فاتكم أيها "السادة" هو أن الهدف الوحيد من الإحتفال باليوم الوطني لحرية الأنترنات كان تكريم زهير اليحياوي ومن خلاله كل المقاومين والمناضلين الافتراضيين على اختلاف انتماءاتهم وعقائدهم.. على العموم لا يمكن الإنتظار مٍن مَن عجز على نطق إسم الشهيد أثناء وبعد الندوة (رغم التصحيح المتكرر تارةً يسميه زهير مخلوف وطوراً مختار اليحياوي) أن يدرك ما معنى حرية الانترنات أو مقاومة الحجب وقد كان همه نشر فيديوهات الكورة والنكت فمخ الهدرة : "قداش عندك من فان في الباج متاعك ؟".. وإنت وخي ما قلتلناش كيفاش إتنجم تعيش وإنت أدمين متاع 80 صفحة ؟ اه حقاً ماو من غدوة درت في الحياصة وقلت : أنا مجرد أدمين غير مباشر لبعض الصفحات "الثورية"...
- بالنسبة لهناء وجلنار فمن ناحية الشكل لا يعقل بعد قرابة 60 سنة من الإستقلال وبعد ثورة الحرية والكرامة أن تقدم الأخيرة مداخلتها باللغة الفرنسية في القصر الجمهوري وأمام حضور متكون أساساً من تونسيين وهي التونسية التي تربت في تونس.. ولكن يبدو أنها تراجعت عن هذا أمام النظرات النارية والهمهمات التي شوهدت وسمعت بعد اقتراحها ذلك فانتقلت إلى الفرنكو أراب (المسمى زوراً وبهتاناً دارجة) إلا أنها سرعان ما "زلعتها بضخامة" بذكرها ألفة يوسف تلك التي كانت تخطب في نفس المكان أمام "السارقة بأمرها"
أما من ناحية المضمون فحتى لو اختلفنا سياسياً مع المنصف المرزوقي فإنه علينا إحترام صفته كرئيس للجمهورية فنقف عند قدومه وتحيته لنا ونترفع عن تصفية الحسابات السياسية الضيقة. ولكن مايثير الغثيان حقاً هو إستغلال ثقة منظم الإحتفال (الذي وصفه الجهلوت بالبودورو في حين أن محافظ نورمال لاند كان من مؤسسي تلك المدونة الرائعة) لإيهامه بأن الحديث سيكون في صلب الموضوع ثم ينقلب ذلك 180 درجة اثر إنتهاء المقدمة التي اطلع عليها. قبل إتهامي بالتجني أذكر أن إحدى المدونات (معروفة بصورة حيزبون شمطاء) قد كتبت يوم الإثنين فرحة مسرورة : انتظروا غداً تغيير موضوع إحدى المداخلات بطريقة مفاجأة. من جهة أخرى كانت كلمة جلنار ضعيفة في الشكل والمضمون : فلا إنضباط أكاديمي ولا منهجية علمية ولا موضوعية ولا إحترام لمجال تخصصها.. بل كانت عبارة عن تدوينة استفزازية مملوؤة بالمغالطات التي مجتها أسماعنا وسئمتها عقولنا. ويكفي ذكر عبارة "المرأة المدنسة (أو النجسة)" (la femme souillée) التي تنتمي لظلمات العصور الوسطى الأوروبية ولا علاقة لها بموروثنا الحضاري لنعلم في أي حضيضٍ وقعت.
- بالنسبة لسيادة المحافظ فبعد شكري له على رحابة صدره وبرودة دمه وكرم ضيافته فكنت أتمنى لو وقعت استشارتنا لإقتراح برنامج لهذه الندوة وكنت حينها سأقترح ورشة تدوينية من قلب القصر الذي كانت تصدر منه الأوامر لعمار ليقصف الأقلام الحرة وسيكتب البعض حينها عن رمزية نضال "التونسي" أو عن ذكريات الزمن الجميل في البلوغسفير المحنونة أو عن الأحلام والمشاريع التي كانت أو مازلت في عقولنا...
ختاماً أود أن أُذَكٍّر أو أُعْلٍم أنه كان في القاعة أناس سُجنت وعُذبت من أجل حرية التعبير.. كان في القاعة أناس نفيت وحرمت من بلادها من أجل حرية التعبير.. كان هناك أناس أحدثوا المدونة تلو المدونة لتحدي الحاجب والسخرية منه والقول في وجهه بأنه لا مناص من حرية التعبير.. كان هناك أناس نقلت أحداث الثورة لحظة بلحظة ليتلقف "بعضهم" بعضاً منها وينشره لعله يحظى بعددٍ كبير من "الجامات" أو يزداد عدد "الفانات".. كان في القاعة أناس صوروا الشهداء والجرحى على عين المكان ثم لم يحرصو على "مد وجوههم" في وسائل الإعلام.. بل آثروا التواضع إجلالاً لمن بذل الدماء لأجل أن يزايد عليهم بعض السفهاء.. كان هناك أناس على بعد آلاف الكيلومترات ينتظرون صور هذا اليوم لعلهم يرون أخيراً وجوه الأبطال الذين خاطروا بحياتهم لنقل الأحداث..
من كان يظن أن المدونين صنعوا الثورة فهو واهم.. من كان يظن أن صفحات الفايسبوك صنعت الثورة فهو واهم.. من كان يظن أنه بجام أو برتاج أو رتويت صنع الثورة فهو واهم..
الثوار الحقيقيون هم الذين إنتفضوا قبل وبعد 17 ديسمبر 2010 من أجل الحق والعدالة والحرية والكرامة.. الذين خرجوا للشارع لمواجهة ألة القمع وهم لا يعلمون أيعودون لديارهم أم لا.. الذين كانت كتاباتهم ضمير الثورة وسعو لها بالتنظير أو بالدعوة أو بشحذ الهمم.. الذين بذلوا قصار جهدهم لربح المعركة الإعلامية.. الثوار الحقيقيون أخلصوا فلم يريدو جزاءً ولا شكوراً .. أما من جاء يباهي بثوريته "فقد قيل"
قال أبو هريرة راضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله جل ثناؤه إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعى به رجل جمع القرآن، ورجل قُتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى يا رب. قال : فماذا عملت فيما علمت ؟ قال : كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار. فيقول الله جل ثناؤه : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت، ويقول الله جل جلاله : بل أردت أن يقال فلان قارئ ; فقد قيل ذلك. ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى : أولم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ فيقول : بلى يا رب. فيقول : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت. بل أردت أن يقال فلان جواد، فقد قيل لك ذلك. ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقال له : فيما ذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت. ويقول الله : بل أردت أن يقال فلان جريء، فقد قيل ذلك . ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي وقال : يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة }
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق