الوليد إبن المغيرة، لقب بالوحيد لأنه كان يكسو الكعبة وحده عاما وتكسوها قبائل قريش عاما. كان أكثر القوم مالاً وولداً، وأعلمهم بالشعر : رجزاً وقصائداً.
لم كثر حديث الناس عن بلاغة القرءان وفصاحته ذهب الوليد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: هات ما عندك يا محمد فقرأ عليه سورة فصلت حتى قوله تعالى : فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ فقال: حسبك حسبك، أنشدك الله والرحم. ثم انطلق حتى أتى مجلس قومه فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الأنس ولا من كلام الجن. إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحكم ما تحته.
ثم انصرف إلى منزله فقالت قريش صبأ والله الوليد، وهو ريحانة قريش والله لتصبأن قريش كلها فقال أبو جهل أنا أكفيكموه فانطلق فقعد إلى جنب عمه الوليد حزيناً فقال له الوليد مالي أراك حزيناً يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن ؟ وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد وإنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن قحافة لتنال من فضل طعامهم فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني من أكثرها مالاً وولداً ؟ وهل شبع محمد وأصحابه ليكون لهم فضل ؟ ثم قام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه فقال لهم : تــزعمون أن محمداً مجنون فهل رأيتموه يـحنق قــط ؟ قــالوا اللهم لا، قــال : تــــزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط ؟ قالوا اللهم لا، قــال : تــــزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ؟ قالوا لا ، فقالت قريش للوليد فما هو ؟ فتفكر في نفسه ثم نظر وعبس فقال : ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه.
إن الوليد إبن المغيرة، منعه الكبر الذي استشرى في قلبه من أن يسلم ولكنه رغم ذلك لم يقدح في القرءان ولم يدعي أن فيه ركاكة في المعاني أو الألفاظ أو أخطاءً لغوية (وكيف يمكن أن يكون فيه أخطاء وقد استمدت قواعد النحو والصرف من القرءان)
ولكن لإصراره على الكفر نزل فيه قول الله تعالى : ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12)وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) المدّثر